الأحد، 27 مايو 2012

قاعدة منهجية تعرف فيها الرجال

                   قاعدة منهجية تعرف فيها الرجال،،،

 

أخرج ابن عساكرـ رحمه الله ـ في كتابه "تاريخ دمشق"(8/15) 

عن عقبة بن علقمة أنه قـال:

(( كنت عند أرطأة بن المنذر ؛ فقال بعض أهل المجلس:

ما تقولون في الرجل يجالس أهل السنة ويخالطهم فإذا ذكر أهل البدع قال:
دعونا من ذكرهم لا تذكروهم !؟
 

قال: يقول أرطأة: هو منهم ، لايلبس عليكم أمره،قال: فأنكرت ذلك من قول أرطأة ، قال: فقدمت على الأوزاعي وكان كشافاً لهذه الأشياء إذا بلغته ،
فقال: صدق أرطأة ، والقول ما قال ، هذا ينهى عن ذكرهم ،
ومتى يحذروا إذا لم يُشاد بذكرهم )).

(عليك بآثار من سلف ،،،، ) شرح العلامة:صالح الفوزان

    (عليك بآثار من سلف ،،،، )  شرح الشيخ العلامة صالح الفوزان-حفظه الله-

المتن:
(وقال الإمام أبو عمرو الأوزاعي رضي الله عنه)


الشرح:
الإمام أبو عمرو عبد الرحمن الأوزاعي ,إمام أهل الشام - رحمه الله -.


المتن:
(عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس)

الشرح: عليك بآثار من سلف، من الصحابة والتابعين والقرون المفضلة، (عليك) معناها الحث,
(بآثار من سلف وإن رفضك الناس) يعني: وإن انتقدك الناس لاتباعك للسلف، وإن انتقدوك وجفوك فلا تلتفت إليهم ولا تعبأ بذمهم لأنك على حق ,وما دمت على حق فاثبت،

فأنت لا تريد إرضاء الناس ومدح الناس، وإنما تريد إرضاء الله سبحانه وتعالى وتريد الحق، والحق لا شك أنه في اتباع السلف، فإذا رأيت من يصفك بالجمود ,ويصفك بالتخلف والرجعية، وبأنك من أهل العصور الوسطى ,وبكلام من هذا القبيل , فلا تلتفت إليه أبداً؛ لأنك على الحق ,وهم على الباطل.

المتن:
(وإياك وآراء الرجال , وإن زخرفوه لك بالقول)

الشرح:
    هذا كلام عمر رحمه الله ,(إياك وآراء الرجال)، هذا تحذير من أن تترك هدي السلف وتأخذ بآراء الرجال التي أحدثت من بعدهم.


(وإن زخرفوه): الزخرفة التزيين ,أصل الزخرف الذهب: { ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون، وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ وزخرفاً } يعني: ذهب ,الزخرف في الأصل هو الذهب، فهم يزخرفون مقالاتهم ويزوقونها ,حتى تظهر كأنها حق ,


  كما قال الله سبحانه في أمثالهم: { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون } ,يأتيك كلامهم مزخرفاً، على أنه براهين عقلية وأدلة يقينية، وقد يكون عندهم فصاحة وبلاغة يجذبون بها السامع ,لكن ما داموا ليسوا على هدي السلف لا تلتفت إليهم ,ولا تعبأ بكلامهم؛ لأنه زخرف ,

والشاعر يقول: 
   
  في زخرف القـول تزيــين لبـاطله  ***** والحـق قد يعتــريه سـوء تعبــير

   فزخرف القول يزين الباطل عند الناس، لكن البصير لا ينظر إلى المظاهر، وإنما ينظر إلى الحقائق، فما دام أن هذا الكلام لم يقله السلف الصالح في هذا الباب -في باب الأسماء والصفات -فاعلم أنه باطل ,وإن تزين بالألفاظ وحسن اللفظ ,
فلا تعبأ بهما دام أنه مخالف لهدي السلف الصالح.

 وهذا ينطبق على علم الكلام وعلم المنطق الذي زوقوه وزخرفوه ,وسموه براهين عقلية ,وقواعد يقينية... إلى آخر ما يقولون، فلا تلتفت إليهم، كيف تعادل قواعد المنطق وعلم الكلام بكلام رب العالمين وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام السلف الصالح؟! كيف يعادل هذا بهذا؟!.

كلمات مختارة-2-

نصائح وأحكام
مهمة لاستخدام تويتر
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه
ومن استن بسنته وهديه إلى يوم يبعث خلقه؛ أما بعد:
  فلايخفى على أحد أن موقع كتويتر بدأ بالأنتشار بين كثير من الناس لسهولة الولوج والدخول إليه من خلال الأجهزة المحمولة كـــ"ــالآيفون"وغيره من الأجهزة، ومثل هذا الإنتشار مع سهولة الدخول وسهولة نشر الكلام فيه، جعل كثير من الناس يقع في مخالفات شرعية دون أن ينتبه وأحياناً وهو منتبه والله المستعان.
لذا كان من الواجب –فيما أرى-التذكير بجملة من الأحكام والنصائح المهمة التي لابد على المسلم إلتزام فعلها وتطبيقها في حياته، فلا يكون إلتزامه بتطبيق هذه الأحكام مقتصراً على تواصله المباشر مع الناس، وفي الأنترنت أو برامج التواصل الاجتماعي كتويتر يتخل عن هذه الأحكام! وذلك أنه محاسب على كل ما يفعله سواء كان ذلك في تواصله المباشر أو عبر هذه البرامج أي بشكل غير مباشر.
والله أسأل أن يوفقني وإخواني المسلمين للعمل بما يرضيه وأن يجعلنا من الذي يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

الحرص على الإخلاص لله
أول الأحكام الواجب التذكير بها:
الإخلاص لله، فكثير من الناس يحرص على نشر الخير في هذا البرنامج كالتذكير بالأحكام الشرعية والفتاوى الفقهية ونشر الأحاديث النبوية وغيرها من صور نشر الخير.
وهذا عمل طيب لكن يجب على الإنسان أن يخلص العمل لله فلا ينشر هذه الأحكام ليقال:فلان ما أحرصه على الخير! وفلان صالح!
بل ليكن هم الهم العبد وهدفه الذي لا هدف أسمى منه هو إخلاص العمل لله سبحانه وتعالى أيً كانت صورته؛قال تعالى(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)
وليكن الإنسان على حذر من صور للرياء خفية يقع فيها كثير من أهل تويتر، ولعلي أضرب أمثلة على بعضها:
-الإخبار بما تقوم به من عبادات:
بعض الناس دون أن يسأله أحد يخبر بما يقوم به من عبادات لولا أنه أخبر لما علم بما يقوم به أحد، فترى بعضهم يقول:
انتهيت من قراءة سورة كذا وكذا وفيها معاني أود أن أخبركم عنها !
وهو لو أخبر بهذه المعاني دون أن يخبر بقراءته لها لحقق مراده من إيصال الأحكام والمعاني !
وبعضهم تراه يضع صورته الشخصية وبيده كتاب وهو قد تجهز للصورة بهذه الوضعية ! ولا يخفى أن طلب العلم الشرعي من العبادات السامية العلية، فلماذا تقوم بالتمثيل وفتح الكتاب بهذه الوضعية والوقوف أما الكاميرا للتصوير مالذي تود أن توصله لمن يطلع على هذه الصورة؟ أنك جادٌ في طلب العلم ومجتهد فيه؟
فالنية النية-معاشر الإخوة-فالأمر خطير.
وبعضهم يأتيه الشيطان من طريق خفي فيجعله يقع في التسميع بما عمله لله، فتراه يقول على سبيل المثال وفي وقت متأخر من الليل:
لقيام الليل لذة لا يشعر بها إلا من كابده! ولصلاة الفجر راحة ما بعدها راحة...
فهو لم يخبر أنه قام الليل لكنه أخبر بما يحصل للقائم من لذة فلا يفهم من قرأ هذا الكلام إلا أن كاتبه قد صلى لله ركعات من الليل، هذا إن كان صلى فكيف بمن يسمع بمالم يعمل فيقول مثل العبارة السابقة وهو لم يتزحزح من فراشه فهو يرائي بما لم يفعل أي وهذا لا شك أنه أشد من الأول والله المستعان، وتأمل معي هذا الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه؛فعن حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ رَأَى الْكَوْكَبَ الَّذِي انْقَضَّ الْبَارِحَةَ؟ قُلْتُ: أَنَا، ثُمَّ قُلْتُ: أَمَا إِنِّي لَمْ أَكُنْ فِي صَلَاةٍ، وَلَكِنِّي لُدِغْتُ...
  فتأمل عندما أخبر رحمه الله بأنه رأى الكوكب الذي انقض في وقت متأخر من الليل خشي أن يقع في نفس من يسمع أنه كان قائماً في صلاة الليل، فبادر لدفع التشبع بما لم يفعل عن نفسه قائلاً:أنا إني لم أكن في صلاة ولكني لدغت .
أي لدغته عقرب فاستقيظ من الوجع فرأى هذا الكوكب،وهذا كله حرصاً أن لا يُمدح بما لم يفعل.
أما اليوم فإننا نحرص على أن نمدح بما لا نفعل والله المستعان.
فالحرص الحرص معاشر الإخوة على حفظ العمل من الرياء والتسميع حتى تقبل الأعمال فأحد شرطي قبول العمل الإخلاص لله والشرط الثاني هو المتابعة وهذا ينقلنا للتذكير بالحكم الثاني من الأحكام.
تحري السنة والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم
وصحبه رضوان الله عليهم

قال تعالى (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)[الملك]
وقد رويعن الفضيل بن عياض أنه قال في تفسير قوله تعالى(أحسن عملاً) قال: أخلصه وأصوبه فإنه إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً، والخالص إذا كان لله والصواب إذا كان على السنة
فلا تنشر في توتير ولا تكتب إلا ما كان على السنة، وتويتر وغيرها من المواقع أصبح مرتعاً للمحدثات والبدع، فمن صور البدع:
حملة الاستغفار الجماعي!!!
  فترى أحدهم يكتب"تغريدة" فيها أنه على كل من تأتيه هذه التغريدة أن يستغفر الله مائة مرة أو أن يقول لا إله إلا إله كذا وكذا مرة وهذه الطريقة بدعة لأنه لم يرد عن السلف الاجتماع والتداعي بهذا الشكل(وأقصد بالتداعي أن يدعو بعضهم بعضاً لمثل هذه العمل)
بل الوارد عنهم إنكار مثل هذه الصور كما هو معروف ومشهور عن ابن مسعود من إنكاره لمن كانوا يجتمعون على الذكر في مسجد الكوفة.
ولا يقال إن المنكر الإستغفار أو الذكر لا بل هذه من العبادات العظيمة بل المنكر الهيئة والاجتماع بهذه الصورة والتداعي على مثل هذه العبادة بالشكل الذي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه فدل على أنه محدث ومن زعم أنه من السنة فعليه الدليل.
ومن الصور المحدثة حملة قراءة القرآن بحيث يتم إرسال صورة من المصحف بين مستخدمي البرنامج ليتم قراءتها وهذه ليست بعيدة عن الأولى بل هي بعينها لكن الذي تغير أن تلك تسبيح واستغفار وهذه قراءة للقرآن.
البعد عن أصحاب الشبهات والبدع
لقد انعقد إجماع السلف على هجر أهل البدع ومبيانتهم وترك الجدال معهم ؛قال الإمام الصابوني رحمه الله وهو يذكر عقيدة السلف الصالح التي أجمعوا عليها:
"ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين، ولا يناظرونهم ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرّت في القلوب ضرت، وجرت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرت، وفيه أنزل الله عز وجل قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}"
 فلا يجوز لكم معاشر المسلمين سماع ولا مابعة أهل البدع الذين حذر منهم أهل العلم ومن اشتهروا بنشر الشبه ولا الجدال معهم ولا يظن الواحد في نسفه خيراً لدرجة أنه يستسهل الكلام معهم وبزعمه يريد أن يجادلهم فإنا قد نُهينا عن هذا وكم من واحد بدأ الأمر معه بمجادلة أهل البدع حتى انتهى الأمر به إلى أن يصبح واحداً منهم؛قال ابن بطة رحمه الله:
"فالله الله معشر المسلمين لا يحملن أحدا منكم حسن ظنه بنفسه وبما عهده من معرفته بصحة مذهبه على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء فيقول : أداخله لأناظره ، أو لأستخرج منه مذهبه ، فإنهم أشد فتنة من الدجال ، وكلامهم ألصق من الجرب ، وأحرق للقلوب من اللهب ، ولقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم ويسبونهم ، فجالسوهم على سبيل الإنكار والرد عليهم ، فما زالت بهم المباسطة وخفيٌ المكر ودقيق الكفر ، حتى صبوا إليهم"
فاعضض على نصيحة هذا الإمام النحرير ولا تجاوزها فتهلك وتكون من الضالين، واحمد الله أن وفقك الله إلى السنة ودع مجادلة القوم وسماع شبهاتهم وأخبر بالسنة فإن قبلت منك وإلا فليس عليك أن تجادل أهل البدع والأهواء فإنهم لا يتورعون عن الخوض فيما نهى عنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا سقف أعلى لشبهاتهم ولا رادع ولا ورع يمنعهم من الكذب وطرح الأغاليط من المسائل فالحذر الحذر، وقد قال العباس بن غالب الهمداني:
"قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله أكون في المجلس ليس فيه من يعرف السنة غيري فيتكلم مبتدع فيه أرد عليه فقال: لا تنصب نفسك لهذا أخبره بالسنة ولا تخاصم فأعدت عليه القول فقال: ما أراك إلا مخاصما"[طبقات الحنابلة1/236].
وقال شيخ السنة السجزي:
"وكان طاووس يسد أذنه إذا سمع مبتدعاً يتكلم ويقول: القلب ضعيف.
وليكن من قصد من تكلم في السنة اتباعها وقبولها لا مغالبة الخصوم، فإنه يعان بذلك عليهم، وإذا أراد المغالبة ربما غلب.
وقال الحسن :المؤمن ينشر حكمة الله فإن قبلت منه حمد الله، وإن ردت عليه حمد الله.
وموضع الحمد في الرد أنه قد وفق لأداء ما عليه،وقال الهيثم بن جميل: قلت لمالك بن أنس يا أبا عبد الله الرجل يكون عالماً بالسنة يجادل عليها؟ قال: لا. يخبر بالسنة فإن قبلت منه وإلا أمسك"[الرد على من أنكر الحرف والصوت364-265]
الحذر من الخوض في دين الله بجهل!
قال تعالى(قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)
فجعل سبحانه وتعالى القول عليه بجهل بعد الشرك،وقال تعالى(وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ)
فلا تتكلم بدين الله بهواك وبجهلك وبالتخمين، فإن هذا من التعالم المذوم ولا تعتمد في دينك على قول"سمعت الناس يقولون حرام" فالدين ليس خبراً من الأخبار السياسية التي يتسهل في نقلها وأخذها بل ينبني عليه نجاتك أو هلاكك وإياك أن تخوض في مسألة من مسائل الشرع بدون سابق علم.
الحذر من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم
معلوم أنه قد تواتر(=أي ثبت بأعلى درجات الثبوت)عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال(مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).
ولا يجوز لمسلم أن ينقل حديثاً لا يعرف درجته لأنه إن كان كذباً فإنه ساعد بنشره دون أن يتأكد من درجته في نشر الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت نيته طيبة وقد سبق الكلام على أن النية وحدها لا تجعل العمل صواباً بل لابد من صواب العمل.
وليس واجباً عليك أن تنشر حديثاً لا تعرف درجته بل الواجب عليك أن تعرف درجة ثبوته وفي زماننا هذا أصبح من السهل المتيسر معرفة درجة الحديث فلا عذر لأحد.
إياكم يا أهل التويتر من الغيبة والنميمة والإشاعات
آفات اللسان كثيرة وقد صنف في بيانها والترهيب منها كثير من الأئمة والعلماء، وسأتكلم على ثلاث من آفات اللسان يقع فيها كثير من أهل "تويتر":
1-الغيبة:
عرف النبي صلى الله عليه وسلم الغيبة فقال:«أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ» ؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ»رواه مسلم.
ومن صور الغيبة التي تكثر في توتير الطعن في المسؤلين والحكام والأمراء، ولا تنطلي عليك الكذبة التي تقول إنما ننقده لمنصبه لا لذاته فهذا كذب لأن القائم بالمنصب هو نفسه صاحب الذات وأنت تنقد صفات وأفعال لا بد لها من ذات لتقوم بها.
والأمر ليس مقتصراً على الحكام والمسؤلين بل يتعدى لغيرهم من الناس فالحذر من الغيبة أخي المسلم فإن إثمها عظيم وإن لم يكن إلا أن يأخذ الذي اغتبته من حسناتك يوم القيامة في يوم الإنسان في حاجة لأدنى أدنى مثقال من ذرة لكي ينجو؛قال تعالى(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
ويستثنى من الغيبة المحرمة التحذير من المبتدع والمستفتي وغيرها من الصور التي دل الدليل الشرعي على جوازها وفي بعض الصور على وجوبها كالكلام في المبتدع ومن يريد أن يفسد على الناس دينهم؛قال القائل:
القـدح ليس بغيـبة في ستـة*** متـظـلم ومعرف ومحـذر
ومجـاهر فسقاً ومستفت*** ومن طلب إلاعانة في إزالـة منكر
وقد نقل الإجماع غير واحد من أهل العلم على مشروعية الكلام في أهل البدع والتحذير منهم كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن رجب الحنبلي والنووي وغيرهم.
2-النميمة:
يقع بعض الناس في النميمة في توتير من خلال نقل الكلام بين الناس فترى أحدهم يكلم أخر في الخاص فيصور هذا الكلام ويرسله لأخر ويكون الكلام على هذا الأخر،فهذا من السعي بالفساد بين الناس فكان الواجب عليه أن ينهى المتكلم عن الكلام في أخيه لا أن يسمعه كالمقر له ثم ينقل هذا الكلام لمن كان الكلام عليه، وقد جاء الوعيد الشديد لمن سعى بين الناس بالنميمة كما في الحديث المتفق عليه من حديث ابن عباس أنه قال:مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ»
قوله(وما يعذبان في كبير) قال الخطابي في معالم السنن:
"أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما أو يشق فعله لو أرادا أن يفعلاه وهو التنزه من البول وترك النميمة ولم يرد أن المعصية في هاتين الخصلتين ليست بكبيرة في حق الدين وأن الذنب فيهما هين سهل"
فالحذر الحذر حفظكم الباري من هذه الذنوب والمعاصي التي من وقع فيها أوردته المهالك إلا أن يتغمده الله بفضله ورحمته ولا حول ولا قوة إلا بالله.
3-الإشاعات:
الإشاعات وما أدراك ما الإشاعات بحر خاض فيه كثير من الناس بل لا أكون مبالغاً إن قلت:
أن نسبة 97% من مستخدمي توتير يقعون في نشر الإشاعات الكاذبة إما ابتداءً أو مشاركة ونقلاً، ومجال الإشاعات ليس مقتصرا على الأخبار السياسية بل يدخل في شتى المجالات،وقد جاء الوعيد العظيم والترهيب الشديد في حق من يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق-كما هي حقيقة الإشاعات-فعن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ:((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا؟» قَالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ، قَالَ: وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ: " إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي: انْطَلِقْ، وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَ...ثم قال: فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَيْهِ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَيْهِ إِلَى قَفَاهُ "، قَالَ: «ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الْأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ الْأَوَّلُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِهِ الْمَرَّةَ الْأُولَى» ، قَالَ: قُلْتُ: " سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ؟...ثم قال:
«فَإِنِّي رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟» قَالَ: قَالَا لِي: " أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ...وأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَاهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَاهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الْكَذِبَةَ تَبْلُغُ الْآفَاقَ))رواه البخاري وأحمد وغيرهما وهذا لفظ أحمد.
هذا في حق مطلق الإشاعة والمساعد على نشرها له نصيب من الإثم فكما أن الدال على الخير يكون كفاعله كذلك من دل وساعد على نشر الشر والكذب له نصيب الله أعلم به,وقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن قال ((بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنَ الْكَذِبِ أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)).
الحذر من الصور يا أهل تويتر !
مما تساهل فيه كثير من الناس الصور ونشرها، وقد ورد الوعيد على التصوير والمصورين في أحاديث كثيرة متكاثرة على حرمة الصور وإن لم يكن أمام الإنسان إن لم يقتنع بأن الصور هذه يشملها عموم الأحاديث كقوله صلى الله عليه وسلم((أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ))-فليس له إلا التورع عن هذه الصور والورع منه ما يكون واجباً ومنه ما يكون مستحباً-كما ذكر ذلك شيخ الإسلام- ثم إن مسألة الصور تتقاطع معها مسألة مهمة وهي غض البصر فأنت عندما تزيل صورتك تكون قد أعنت أختك المسلمة على غض بصرها ، أما المسلمة فلا يجوز لها كشف وجهها فضلاً عن أن تضع صورتها.
وحتى لو زعمت أنها تقلد القائلين بجواز كشف الوجه-وهو قول ضعيف!- فإنه لابد أن تعين إخوانها على غض البصر والله سبحانه وتعالى يقول(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، فمالفائدة المرجوة من وضع صورتك الشخصية؟!
وبعضهم يقع في الكذب في الصور كأن يمسك كتاباً أو يمسك قلماً وكأنه يكتب فلماذا التمثيل؟ وأنت في غنى عن هذا كله.
الحذر من التساهل في مخاطبة النساء للرجال والعكس!
قال تعالى مخاطباً نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن يدخلن من باب أولى(يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا)
فإياك أختي المسلمة أن تفتحي المجال أمام أي أحد من المستخدمين لمخاطبتك والكلام معك إلا لحاجة شرعية معتبرة والبعد عن هذا الباب فيه السلامة كلها وكم من قصة حزينة مؤلمة ابتدأت بجزاكم الله خيراً وانتهت بتعلق القلب بغير الله، فالشيطان له خطوات يستدرج بها المرأة والرجل وأول خطواته قد تكون مشروعة مباحة بل قد تكون صورتها صورة الطاعة فالحذر الحذر من هذا الباب الخطر.
وإن كان ولابد فليكن بقدر الحاجة ويغلق هذا الباب.
وأنت أخي المسلم أترضى لأختك أو لغيرها من عرضك أن تكلمها كما تسعى في ذلك مع نساء المسلمين؟!
أترضى أن يكلم الغريب أختك بعبارات كصباح الخير وما أحلى كلامك ولم أر مثل أدبك إلى أخر هذه العبارات التي ظاهرها الأدب وباطنها الخبث والهوى والشهوة؟
كلنا لا يقبل بهذا مع أهله إلا الديوث(والديوث هو من يرضى بالردى في أهله نسأل الله السلامة وهذا لا يشم رائحة الجنة كما ورد في بعض الأخبار).فليتق الله الواحد منا في نساء المسلمين .
مجموعة من النصائح
1-من أتبع؟
الجواب:احرص على متابعة من ينفعك في دينك ودنياك،ففي الدين لا تتبع إلا السني الذي لا يأتي إلا بخير ولا ينشر ما فيه خطر عليك من شبه وأهواء، وأما من تجهل حاله فاسأل عنه قبل أن تتبعه وانظر ماذا ينشر قبل أن تتبعه ومن يتابع لأن الرجل لا يتابع-في الأصل-إلا من يرتضيه فالناس كالطيور والطيور لا تقع إلا على أشكالها.
وإياك ثم إياك أن تتبع أهل البدع وإن كانوا من المشاهير، لأن في ذلك عدة من المحاذير:
· تكثير سواد أهل البدع:
فبسببك وبسبب متابعة الأخر والأخر لهذا المبتدع يغتر من يجهل حاله بسبب كثرة متابعيه فيقول لو كان هذا ضالاً لما اتبعه أكثر هؤلاء!!
وهذا مقياس خاطئ لأن العبرة ليست بالكثرة لكن العبرة بموافقة الحق وإصابته وكما لا يخفى أن يوم القيامة يأتي النبي وليس معه أحد ويأتي النبي ومعه الرجل والرجلان...
ومن هجر المبتدعة إهانتهم المطلوبة شرعاً عمل حظر لهم أو ما يسمى "Block"حتى لا يمر عليك كلامه وقد رأيت أحد هؤلاء يقول:لا أعلم لماذا هؤلاءيقصد السلفيين"لا يتكلمون ثم استدرك :اكتشفت أنهم قد عملوا لي حظر!!
فانظر كيف أصبح مهاناً حتى ظن أن السلفيين تركوا تويتر.
· تعريض نفسك للشبه والبدع:
وقد سبق الكلام على خطر متابعة ومجادلة أهل البدع.
· تعريض نفسك لأن يظن بك السوء:
فأنت بمتابعتك لهؤلاء المبتدعة لا تلم من يحكم عليك بأنك موافق لهم على بدعهم أو على الأقل بأنك مميع من المميعة، فالرجل يحكم عليه بجليسه ومجالسه والبعد عن مواطن الريب مطلب شرعي.
وباختصار فالناس ثلاثة:
-إما سني فتتبعه وتنشر كلامه الذي أصاب فيه محتسباً للأجر.
-إما مبتدع فهذا لا تتبعه وإن مر معك كلام له فإنك تنصح مع عمل له إعادة نشر فإن استجاب وإلا فألغ متابعة هذا الناشر له.
-وإما مجهول لا تعرف حاله فتتوقف فيه حتى يتبين أمره إلى أحد القسمين السابقين.
أما في أمور الدنيا كالطب والأدب وغيره فإن كان في دائرة المباح فلا إشكال فإن رأيت من ينشر مقاطع فيه أغاني أو صور أو ينشر لنساء متبرجات فهذا تنصحه بل وتنكر عليه فإن استجاب وترك ما ينشر من بلاء وإلا فاترك متابعته وانصح إخوانك بعدم متابعته.
2-ماذا أنشر؟
احرص على نشر ما يسرك أن تلقاه في صحيفتك يوم القيامة، فلا تنشر الكذب كالنكت الكاذبة لورود النهي عن إضحاك القوم بالكذب، ولا تنشر إلا المفيد والمباح ولا تكن كالمجرى المحفور في جهة معينة لا سيطرة له بجهة ما يمر فيه فكل ما يمر عليه يمر! لا بل لا تنشر إلا ما ينفع.
ولا تعيد نشر إلا لمن تثق بدينه وتعرف استقامة منهجه لأنك بالنشر له تكون داعية له، ولا تنشر المعلومات التي تشك في صحتها أو الإشاعات والأخبار وقد سبق الكلام على خطر ذلك.
وبعض الناس تراه كتب معرفاً عن نفسه بأنه دكتور في علم من العلوم الشرعية ثم تدخل لصفحته فإذا هي أشبه ما تكون بوكالة أخبار...أين نفع الناس أين زكاة العلم أم أنها شهادات كاذبة ورسوم خادعة نسأل الله السلامة والعافية.
3-ما حكم شراء المتابعين ؟
إن شراء المتابعين الذي وقع فيه الكثيرون والله المستعان لا يجوز لأنه تشبع بما لم يعط والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور؛قال النبي صلى الله عليه وسلم«الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبِي زُورٍ» متفق عليه.
ومعنى المتشبع بما لم يعط:أي من يدعي أن عنده شيء ما والحقيقة خلاف ذلك، كالذي يزعم مثلاً أنه دكتور والحقيقة أنه لم ينه دراسة المرحلة الإعدادية فهذا متشبع بما لم يعط، فهذا الذي اشترى المتابعين يريد أن يوحي للناس أن هؤلاء قد اتبعوه إعجاباً بطرحه الذي يطرحه فيبدأ الناس الذين يرون هذا الرقم المهول من المتابعين بإضافته، والمصيبة أنك إذا دخلت على أسماء هؤلاء المتابعين وجدتهم من الأوربيين والأعاجم الذين لا يفهمون ماذا يقول صاحبنا المغرور!
وهو واقع في الكذب والتشبع بما لم يكسب ومع هذا كله فكذبه مكشوف ومصير هذا وأمثاله السقوط من أعين الناس لأنه لا يحترم إلا من كان صادقاً.

هذه مايسر الله التذكير به ،

فالله أسأل أن يجعله نافعاً وأن يجعله سبباً لتنبيه-من غفل- من المسلمين

وصل اللهم على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

منقول

الجمعة، 25 مايو 2012

تسع وقفات علمية مع الانكار على ولاة الأمور

..
بسم الله الرحمن الرحيم
..
حوار سلفي مع عالم سلفي
وقفات مع تعليق فضيلة الشيخ صالح اللحيدان على القرار الملكي
..

الوقفة الأولى:
..
       العالِم مهما علا قدره فإنه لا يسلم مِن زلّة يخالف فيها الصواب، وهو وإن كان مُحبّباً إلا أن السنة أحبّ إلى القلب منه، بل من الوالد والولد والناس أجمعين.
..
      وقد بيّن سلفنا الصالح رضي الله عنهم ورحمهم الموقف من زلّة العالِم، وأنه يجب الاعتصام بالسنة، مع الاعتذار له، والإعراض عن الخطأ، وأخذ القول المحكم عند أهل العلم الذين وافقوا الحقّ في هذه المسألة.
..
     قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (إياك وزلّة العالِم) قيل: (وكيف تكون زلّة العالِم)؟ قال: (إن على الحق نوراً يُعرف به).
..
    وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:
(ألا لا يُقلِّدن أحدُكم دينَه رجلاً؛ إنْ آمن آمن! وإن كفر كفر! فإن كنتم لا بد مقتدين فبالميت؛ فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة).
..
    وقال الأوزاعي رحمه الله: (ندور مع السنة حيث دارت).
..
الوقفة الثانية:
..
   تكثر الفتن آخر الزمان؛ حتى يراها الناسُ معروفاً ويرون السنة منكراً! وقد يهلك فيها الكبير قبل الصغير؛ بل حتى العالِم! ولا نجاة إلا لمن تمسك بالسنة.
..
     قال الزبير بن عدي رحمه الله: أتينا أنس بن مالك رضي الله عنه فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج! فقال: (اصبروا؛ فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم؛ سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم).
..
      وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ويتخذها الناس سنة؛ فإن غُيّر منها شيء قيل غُيّرت السنة)؟!
..
      وقال يونس بن عبيـد رحمه الله: (ليس شيء أغـرب من السـنة، وأغرب منها من يعرفها).
..
     وقال الزهري رحمه الله: كان من مضى من علمائنا يقول: (الاعتصام بالسنة نجاة).
..
الوقفة الثالثة:
..
    مما جاء عن السلف رضي الله عنهم ورحمهم أن النصيحة لولي الأمر لا تكون إلا سرّاً  ، وهذا المعنى مروي عن غير واحد من السلف، بل هو أمر مستقرّ عندهم.
..
   قيل لأسامة بن زيد رضي الله عنه: (لو أتيتَ عثمان فكلّمته)! فقال: (إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟! إني أكلّمه في السرّ دون أن أفتح باباً لا أكون أول من فتحه).
..
   وقال سعيد بن جمهان رحمه الله: أتيت عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه فقلت له: (إن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم)! فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة، ثم قال: (ويحك يا ابن جمهان! عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم، إن كان السلطان يسمع منك فائته في بيته فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك وإلا فدعه فإنك لست بأعلم منه).
..
      وسأل سعيدُ بن جبير رحمه الله ابنَ عباس رضي الله عنه: (آمر إمامي بالمعروف)؟
قال: (إن كنت ولا بدّ فاعلاً ففيما بينك وبينه، ولا تغتب إمامك).
..
    وقال عبدالله بن عكيم رضي الله عنه: (لا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان)،
قيل له: (يا أبا معبد؛ أو أعنتَ على دمه)؟ فقال: (إني أعدّ ذكر مساويه عوناً على دمه).
..
وقال الشوكاني رحمه الله: (ولا يُظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد،
بل كما ورد في الحديث أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة، ولا يذلّ سلطان الله).
..
    وقال ابن باز رحمه الله: (ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر; لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف, ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع, ولكن الطريقة المتّبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان والكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به).
..
       وقال ابن عثيمين رحمه الله: (فلا تغتر بمن يفعل ذلك وإن كان عن حسن نية؛ فإنه خلاف ما عليه السلف الصالح المقتدى بهم).
..
الوقفة الرابعة:
..
   جاء عن السلف رضي الله عنهم ورحمهم الإنكارُ على ولي الأمر علانية حال وقوعه في الخطأ، بحيث يكون الإنكار والنصح أمامه لا في غَيبته من وراء ظهره.
..
    وفي هذا المعنى ما قال طارق بن شهاب رحمه الله: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة؛ مروانُ! فقام إليه رجل فقال: (الصلاة قبل الخطبة)! فقال: (قد تُرك ما هنالك)! فقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (أما هذا فقد قضى ما عليه؛ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
..
الوقفة الخامسة:
..
      مما تقرر عند أهل العلم تركُ الإنكار عندما تترتب عليه مفسدة أعظم من المنكر! بل ذكر ابن القيم رحمه الله أنه يكون محرماً في هذه الحال!
..
      قال ابن باز رحمه الله: (القاعدة الشرعية المجمع عليها أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشرّ منه؛ بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه، أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين).
..
      فإذا كان هذا في الإنكار الذي تترتب عليه مفسدة أعظم من المنكر؛ فما بالك بالإنكار العلني في غَيبة ولي الأمر، وهو إنكار غير شرعي على ما تقدم ذكره.
..
الوقفة السادسة:
..
      عند انتشار الثورات وتساهل الناس في بيعة ولي الأمر والوقوع فيه؛ يتأكد التواصي بالسمع والطاعة وتعاهد هذا الأصل وتثبيته وتقويته وذكر حسنات ولي الأمر بدون كذب ولا مبالغة ولا تسويغ منكر ولا أمر بمعصية.
..
     وهذا المعنى مروي عن السلف رضي الله عنهم ورحمهم؛ فقد سُئل ابن عمر رضي الله عنه عثمان رضي الله عنه، فذكر أحسن أعماله، ثم قال للسائل: (لعل ذلك يسوءك)؟ فقال: (أجل)، فقال: (أرغم الله بأنفك).
..
الوقفة السابعة:
..
     يتبين مما تقدم؛ أن فضيلة الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله خالف السلف رضي الله عنهم ورحمهم في ذكر النصيحة والإنكار على ولي الأمر من وجهين:
..
الوجه الأول:
إنكاره ونصحه العلني وفي وسيلة إعلامية.
..
الوجه الثاني:
عدم قيامه بالنصح والإنكار في وقته وأمام ولي الأمر، لا سيما والشيخ كان حاضراً وقت تلاوة القرار.
..
الوقفة الثامنة:
   يظنّ بعض الناس أنه يجوز له إعلان النصيحة بحجة إبراء الذمة أو بيان الحقّ؛ وهذا من تلبيس إبليس؛ بل هو المفسدة بعينها! وما من نصيحة إلا ويراد بها هذا! .. والذي يُقال: أن الذمة تبرأ فيما بين العبد وربه؛ ولا يلزم أن يُعلن على الملأ براءة ذمته، كما لا يلزم من إبراء الذمة إظهار مخالفة ولي الأمر.
..
     والواقع يشهد بذلك؛ فمع وجود البنوك الربوية وعدم منعها من الحكومة؛ إلا أن الحاكم لا يُلزم الناس بها ولا يحملهم عليها؛ والعلماءُ في وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية كثيراً ما يُفتون بتحريم الربا ويحذرون منه، وبمقدور العالِم أن يفتي بتحريم الأمر دون ذكر ما يتعلق بولي الأمر.
..
     قال ابن باز رحمه الله: (وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل؛ فينكر الزنا وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر فلانا يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم).
..
الوقفة التاسعة:
..
       مما امتاز به منهج السلف الصالح عن بقية الفرق والمذاهب؛ أن السنيّ السلفيّ إذا اعتقد عدم عصمة العلماء؛ عمل بما يعتقد، وطبّقه على الواقع؛ فلا يزال أهلُ السنة يردّون على المخطيء ويُبيّنون الخطأ ولا يقرونه؛ مهما كان صاحبه، بخلاف أهل الأهواء الذين يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يعتقدون.
..
     وللشيطان في هذا الباب مداخل:
..
    منها إيهام الناس أن   الـرادّ لا بدّ أن يكون في منزلة المردود عليه !
..
   وهذا الشرط لا قيمة له؛ لأنه ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ولا يعرفه سلفنا الصالح، بل إن في حديث النبي صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكراً)؛ ما يُبطل هذا الاشتراط؛ حيث جاء الحديث بصيغة العموم (من)؛ فيدخل فيه كل مسلم عرفَ الحقّ في هذه الواقعة وتمكن من الدليل في تلك المسألة.
..
      وليت شعري كيف يطيب عيش لمؤمن وهو يُعرض عن أقوال الصحابة رضي الله عنهم بحجة النظر في منزلة مَن دلّ على هذه الآثار؟! وهل يريدون أن يبعث اللهُ فينا ابن عباس وابن عمر من جديد حتى تُؤخذ أقوالهم؟!
..
       قال الأوزاعي رحمه الله:
(عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآثار الرجال وإن زخرفوا لك القول).
..
    ثم إنك ترى كثيراً من إخواننا الذين يتحجّجون بهذا؛ يُردّدون الحديث الذي لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (الحكمة ضالة المؤمن)، بل يَقبلون كلام الكافر والمفكر والمثقّف بمجرّد أنهم لا يرون فيه مصادمة للشرع! بل يستشهدون بالقصة المروية عن أبي هريرة رضي الله عنه مع الشيطان لما تعلّم منه فضيلة آية الكرسي! ومهما بلغتُ من السوء فلن أكون أضلّ من الشيطان الرجيم!
..
       ومما يؤلمني أن أرى كثيراً من أهل الخير والصلاح؛ يعتقد أفضلية السلف من الصحابة والتابعين؛ اعتقاداً نظرياً لاعملياً! فتراه يوقّرهم ويُعظّم جهادهم وعبادتهم وإيمانهم وحبهم للنبي صلى الله عليه وسلم ويدافع عنهم ولا يرضى بالوقيعة فيهم، وكل هذا خير؛ إلا أنه لا يُعظم المأثور عنهم من عقيدة ومنهج وتفسير وفقه وأدب! بل لسان حاله أنهم كغيرهم ممن جاء بعدهم! فلنتّق الله ولنعلم أن الاعتقاد المجرّد عن التطبيق لا ينفع صاحبه.
..
    قال ابن مسعود رضي الله عنه: (من كان منكم متأسياً فليتأسّ بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم كانوا أبرّ هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلهاً تكلفاً، وأقومها هدياً، وأحسنها حالاً، قوم اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فاعرفوا لهم فضلهم، واتّبعوهم في آثارهم؛ فإنهم كانوا على الهدى المستقيم).
..
ومن مداخل الشيطان:
..
أن يوهم الناس بأن هذه فتنة وأن الواجب اعتزالها وعدم الخوض فيها!
..
والحقّ أن الفتنة تأتي على معنيين:
..
المعنى الأول:
الأمر المشكل الذي لم يتبيّن وجهه ولم يُعرف فيه الحق من الباطل؛ وهذا الذي لا يخوض فيه المسلم ولا يتكلم به كل أحد.
..
والمعنى الثاني:
الأمر الذي يزلّ فيه الناس لكن يُعرف فيه وجه الحق من الباطل؛ وهذا الذي يجب بيانه ونشر كلام السلف فيه والتواصي به وحمل الناس عليه.
..
ومن مداخل الشيطان:
..
إقناع الناس بأن الناصح يتتبّع العلماء ويتصيّد عليهم!
..
  لا شكّ أن هناك من يسعى لإسقاط العلماء كالليبراليين المفسدين والخوارج الثوريين؛ لكن يجب التفريق بين من يريد إسقاط العلماء وبين من يتأدب معهم ويعتذر لهم ويكتب حفظاً للدين ونصحاً للأمة، ويشهد الله أنني من أشدّ الناس بغضاً للمخالفين من أهل البدع وأهل الشهوات، ولولا أن يتهاون الناس في توقير ولي الأمر ويُشكّكون في وجوب الإسرار بالنصيحة له؛ لما كتبت هذا المقال.
..
   قال أحدهم لأحمد بن حنبل رحمه الله: (إنه يثقل عليّ أن أقول فلان كذا وفلان كذا)! فقال: (إذا سكتّ أنتَ وسكتّ أنا فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم)؟!
..
ومن مداخل الشيطان:
..
        إيهام الناس بأن النصح العلني لمن هو مثل الشيخ صالح اللحيدان يعدّ مخالفة لأنه يجريء الناس على العلماء،
وقد يقول قائل: بما أنك تطالب بالنصح في السرّ؛ فلماذا تخالف ما تقول؟!
..
      ولو تأمل المُعتَرِض؛ لعلم أن المنهي عن إعلانه هو نصح ولاة الأمور، أما العلماء فلا يزال السلف رضي الله عنهم ورحمهم يُنكر بعضهم على بعض ويُناصح بعضهم بعضاً، نعم؛ الرد على العالِم فيه نوع مفسدة بلا شك! وقد يُساء بالرادّ الظنّ! وقد يفرح به المفسدون! لكن مَن عظّم السنةَ علم أن مفسدة السكوت عن الخطأ في الدين أعظم من مصلحة السكوت عن خطأ العالِم؛ فدين الله مقدّم على الرجال مع حفظ قدر العالِم ومنزلته.
..
قيل لابن المبارك رحمه الله: (يا أبا عبد الرحمن؛ أتغتاب) ؟ فقال: (اسكت ؛ إذا لم نُبيّن كيف يُعرف الحق من الباطل)؟!

                              منقول من مدونة الشيخ /بندر العتيبي - وفقه الله-